سورة الحجر - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الحجر)


        


{آلر} قيل: معناه: أنا الله أرى {تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ} أي: هذه آيات الكتاب، {وَقُرْآنٍ} أي: وآيات قرآن {مُبِينٍ} أي: بيَّن الحلال من الحرام والحق من الباطل.
فإن قيل: لِمَ ذكر الكتاب ثم قال: {وَقُرْآنٍ مُبِينٍ} وكلاهما واحد؟
قلنا: قد قيل كل واحد يفيد فائدة أخرى، فإن الكتاب: ما يكتب، والقرآن: ما يجمع بعضه إلى بعض.
وقيل: المراد بالكتاب: التوراة والإنجيل، وبالقرآن هذا الكتاب.
{رُبَمَا} قرأ أبو جعفر ونافع وعاصم بتخفيف الباء والباقون بتشديدها، وهما لغتان، ورُبَّ للتقليل وكم للتكثير، ورُبَّ تدخل على الاسم، ورُبَما على الفعل، يقال: رُبَّ رجل جاءني، ورُبَمَا جاءني رجل، وأدخل ما هاهنا للفعل بعدها. {يَوَدُّ} يتمنى {الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ}.
واختلفوا في الحال التي يتمنى الكافر فيها الإسلام.
قال الضحاك: حالة المعاينة.
وقيل: يوم القيامة.
والمشهور أنه حين يخرج الله المؤمنين من النار.
وروي عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا اجتمع أهل النار في النار، ومعهم من شاء الله من أهل القبلة، قال الكفار لمن في النار من أهل القبلة: ألستم مسلمين؟ قالوا بلى، قالوا: فما أغنى عنكم إسلامكم وأنتم معنا في النار؟ قالوا: كانت لنا ذنوب فأخذنا بها، فيغضب الله تعالى لهم بفضل رحمته فيأمر بكل من كان من أهل القبلة في النار فيخرجون منها، فحينئذ يودُّ الذين كفروا لَوْ كانوا مسلمين».
فإن قيل: كيف قال: {ربما} وهي للتقليل وهذا التمني يكثر من الكفار؟
قلنا: قد تذكر ربما للتكثير، أو أراد: أن شغلهم بالعذاب لا يفرغهم للندامة إنما يخطر ذلك ببالهم أحيانا.


{ذَرْهُمْ} يا محمد، يعني: الذين كفروا {يَأْكُلُوا} في الدنيا {وَيَتَمَتَّعُوا} من لذاتهم {وَيُلْهِهِمُ} يشغلهم {الأمَلُ} عن الأخذ بحظهم من الإيمان والطاعة {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} إذا وردوا القيامة وذاقوا وبال ما صنعوا، وهذا تهديد ووعيد.
وقال بعضُ أهل العلم: {ذرهم} تهديد، وقوله: {فسوف يعلمون} تهديد آخر، فمتى يهنأ العيش بين تهديدين؟
والآية نسختها آية القتال.


{وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ} أي: من أهل قرية {إِلا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ} أي: أجل مضروب لا يتقدم عليه، ولا يأتيهم العذاب حتى يبلغوه، ولا يتأخر عنهم.
{مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا} {من} صلة، {وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ} أي: الموت لا يتقدم ولا يتأخر، وقيل: العذاب المضروب.
{وَقَالُوا} يعني: مشركي مكة {يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ} أي: القرآن، وأرادوا به محمدا صلى الله عليه وسلم {إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ} وذكروا تنزيل الذكر على سبيل الاستهزاء.
{لَوْ مَا} هلا {تَأْتِينَا بِالْمَلائِكَةِ} شاهدين لك بالصدق على ما تقول {إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} إنك نبي.
{مَا نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ} قرأ أهل الكوفة غير أبي بكر بنونين {الملائكة} نصب، وقرأ أبو بكر بالتاء وضمها وفتح الزاي {الملائكة} رفع، وقرأ الباقون بالتاء وفتحها وفتح الزاي {الملائكة} رفع. {إِلا بِالْحَقِّ} أي: بالعذاب ولو نزلت يعني الملائكة لعجلوا بالعذاب، {وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ} أي: مؤخرين، وقد كان الكفار يطلبون إنزال الملائكة عيانا فأجابهم الله تعالى بهذا. ومعناه: إنهم لو نزلوا أعيانًا لزال عن الكفار الإمهال وعُذِّبوا في الحال.
{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ} يعني القرآن {وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} أي: نحفظ القرآن من الشياطين أن يزيدوا فيه، أو ينقصوا منه، أو يبدلوا، قال الله تعالى: {لا يَأْتِيهِ البَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ} [فصلت- 42] والباطل: هو إبليس، لا يقدر أن يزيد فيه ما ليس منه ولا أن ينقص منه ما هو منه.
وقيل الهاء في {له} راجعة إلى محمد صلى الله عليه وسلم أي: إنا لمحمد لحافظون ممن أراده بسوء كما قال جلّ ذكره: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة- 67].

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8